والمقصود: أن الإنسان يقسم الليل أنصافاً ويقوم في الثلث من نصف الليل الثاني وفي آخر الليل ينام أي أنه يقوم في السدس الرابع والخامس، وينام في السدس السادس.
ويدل على ذلك: حديث عَبْدِ اللّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ (ص) «إِنَّ أَحَبَّ الصِّيَامِ إِلَى اللّهِ صِيَامُ دَاوُدَ. وَأَحَبَّ الصَّلاَةِ إِلَى اللّهِ صَلاَةُ دَاوُدَ (عليه السلام). كَانَ يَنَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ. وَيَقُومُ ثُلُثَهُ . وَيَنَامُ سُدُسَهُ. وَكَانَ يَصُومُ يَوْماً وَيُفْطِرُ يَوْماً». متفق عليه.
- لو أراد الإنسان تطبيق هذه السنة فكيف يكون حسابه لليل؟
يحسب الوقت من غروب الشمس إلى طلوع الفجر ثم يقسمه إلى ستة أقسام ، الثلاثة أقسام الأولى هذه النصف الأول من الليل , يقوم بعدها أي يقوم في السدس الرابع والخامس ( لأن هذا يعتبر ثلث ) ثم ينام في السدس الأخير وهو السدس السادس ولهذا عائشة رضي الله عنها قالت: « ما أَلْفَاهُ السَّحَرُ _ أي النبي (ص) _ عِنْدِيْ إِلا نَائِمَاً» متفق عليه .
وبهذه الطريقة يكون المسلم في أفضل وقت لصلاة بالليل كما جاء في حديث عبد الله بن عمرورضي الله عنه السابق .
وهل يكون بذلك أدرك وقت النزول الإلهي في الثلث الآخر من الليل؟
الجواب: نعم يكون أدركه في السدس الخامس، وذلك حينما قسَّم الليل ستة أقسام فإن السدس الأول والثاني يعتبر ثلث الليل الأول، والسدس الثالث والرابع يعتبر ثلث الليل الثاني، والسدس الخامس والسادس يعتبر ثلث الليل الآخر وهو وقت النزول الإلهي، والذي يقوم الثلث الذي بعد منتصف الليل سيكون مدركاً للثلث الآخر في السدس الخامس، والنبي(ص) هو الذي أرشدنا إلى هذا الوقت كما في حديث عبد الله بن عمرورضي الله عنه السابق فقال: « وَأَحَبَّ الصَّلاَةِ إِلَى اللّهِ صَلاَةُ دَاوُدَ (عليه السلام). كَانَ يَنَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ. وَيَقُومُ ثُلُثَهُ . وَيَنَامُ سُدُسَهُ.» وهو الذي أرشدنا إلى فضل الليل الآخر بان فيه نزولاً يليق بالله جلَّ وعلا , فيكون الجمع بين هذين الحديثين بما مضى , فمن لم يستطع انتقل إلى المرتبة الثانية في الأفضلية فيقوم في الثلث الآخر من الليل.
وملخص الكلام أن الأفضلية في وقت قيام الليل على ثلاث مراتب :
المرتبة الأولى: أن ينام نصف الليل الأول ثم يقوم ثلثه ثم ينام سدس كما مضى.
ويدل على ذلك: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه الذي تقدم قريباً .
المرتبة الثانية: أن يقوم في الثلث الآخر من الليل.
ويدل عليها: حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللّهِ (ص) قَالَ: «يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ، فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ وَمَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ وَمَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرُ لَهُ». متفق عليه .
فإن خاف ألا يقوم من آخر الليل فليصل في أوله أو في أي أجزاء الليل تيسر له وهذه هي المرتبة الثالثة.
المرتبة الثالثة : أن يصلي أول الليل أو في الجزء الذي يتيسر له من الليل
ويدل عليها : حديث جَابِرٍرضي الله عنه ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ (ص) : «مَنْ خَافَ أَنْ لاَ يَقُومَ مِنْ آخِرِ الليْلِ فَلْيُوتِرْ أَوَّلَهُ وَمَنْ طَمِعَ أَنْ يَقُومَ آخِرَهُ فَلْيُوتِرْ آخِرَ اللَّيْلِ. فَإِنَّ صَلاَةَ آخِرِ اللَّيْلِ مَشْهُودَةٌ. وَذَلِكَ أَفَضَلُ». رواه مسلم . وأيضاًُ يُحمل عليه وصية النبي (ص) لأبي ذر وأبي الدرداء وأبي هريرة , فكل واحد يقول أوصاني خليلي بثلاث وذكر منها " وأن أوتر قبل أن أنام ".